باشرت ألمانيا، الإثنين، تنفيذ قرارها توسيع نطاق إجراءات المراقبة المؤقتة عبر حدودها البرية بهدف مكافحة الهجرة غير القانونية، في خطوة أثارت احتجاجات من أعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبي.
وتحدت عناصر في الشرطة الاتحادية الأمطار وانتشرت على تقاطع شوارع وطرق سريعة لتوقيف بعض السيارات والحافلات والمركبات الأخرى، ومطالبة ركابها بإظهار أوراقهم الثبوتية، وتفتيش صناديق بعض العربات.
من حيث المبدأ يحظر فرض ضوابط داخلية مماثلة على الحدود في منطقة شينغن، لكن في حال وجود تهديدات للنظام العام أو الأمن فهي ممكنة لمدة ستة أشهر، مع تمديدها لفترات ستة أشهر لا تتجاوز سنتين.
وردت المفوضية الأوروبية بالتذكير بأن “تدابير مماثلة يجب أن تبقى استثنائية”، داعية إلى أن تكون “متناسبة”.
وبرّرت ألمانيا قرارها بأنه سيحدّ من الهجرة “ويحمي من المخاطر التي يمثّلها الإرهاب الإسلامي والجريمة الخطرة”.
وتسببت الإجراءات في تباطؤ حركة المرور، لكن بعض المارة أبدوا تأييدهم للخطوة. وقالت إيليه رينديغز (70 عاما)، وهي في طريقها من ألمانيا إلى ستراسبورغ بفرنسا، إنها تأمل أن يؤدي تعزيز المراقبة إلى “مزيد من الأمن”.
وبموجب القرار تضاف عمليات تفتيش مؤقتة لمراقبة الحدود مع فرنسا ولوكسمبورغ وهولندا وبلجيكا والدنمارك، مماثلة لتلك المطبقة على الحدود مع بولندا وتشيكيا والنمسا وسويسرا.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايزر إن الحكومة تأمل تقليل التداعيات على الأشخاص الذين يعيشون ويعملون في المناطق الحدودية، ووعدت بـ”التنسيق مع الدول المجاورة لنا”.
– اعتداءات نسبت لإسلاميين متطرفين –
على الحدود البولندية وقفت مجموعة صغيرة من المحتجين قرب الجسر في فرانكفورت على نهر أودر، ولوح أحدهم بلافتة تدعو إلى “عوالم مفتوحة، عقول مفتوحة، حدود مفتوحة”.
وقالت فالتراوت (77 عاما)، وهي من السكان المحليين، لوكالة فرانس برس، إن إجراءات المراقبة على الطريق المؤدي إلى فرانكفورت في الجانب الألماني “ليست جيدة للمدينة”.
ووسّعت ألمانيا نطاق إجراءات المراقبة بعد هجمات يشتبه في أن منفذيها هم من الإسلاميين المتطرفين.
وقتل ثلاثة أشخاص في غشت في عملية طعن بمدينة زولينغن (غرب)، تبنّاها تنظيم الدولة الإسلامية؛ وأعلنت السلطات أن موقوفا سوريا في السادسة والعشرين اعترف بتنفيذها.
ومذّاك عزّزت الحكومة الألمانية ترسانتها المناهضة للهجرة غير القانونية، في سياق انتخابي معقد بالنسبة إليها، مع تحقيق اليمين المتطرف مكاسب كبيرة في انتخابات إقليمية شهدتها مقاطعتان شرق البلاد في الأول من سبتمبر.
ومن المقرر إجراء انتخابات إقليمية في مقاطعة ثالثة نهاية الأسبوع في ولاية براندنبورغ المحاذية لبولندا.
– تغيير القواعد الأوروبية –
تسمح الإجراءات الجديدة بتنفيذ عمليات تفتيش عشوائية على بعد 30 كيلومترا من الحدود، بحسب دانيال روسين، المتحدث باسم الشرطة في كيل على الجانب الاخر من الحدود قبالة ستراسبورغ .
وقال روسين إن الشرطة لن تنفذ الإجراءات في الطرق فحسب، بل في “الترام والقطارات عبر الحدود” بين البلدين.
واورد أندرياس روسكوبف، رئيس نقابة الشرطة الألمانية، لإذاعة آر بي بي، إن تغطية مئات الكيلومترات الإضافية من الأراضي الحدودية “لن يكون ممكنا من دون تسجيل ثغرات”.
وعلى مدى سنوات كانت ألمانيا مرحّبة جدا بالأجانب، واستقبلت أكثر من مليون لاجئ، معظمهم سوريون، خلال أزمة الهجرة في 2015-2016، ثم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، حين استقبلت أكثر من مليون شخص إضافي.
لكن بسبب الضغوط السياسية الداخلية بدأت برلين تشديد موقفها تجاه الهجرة.
وقالت الوزيرة نانسي فيزر: “لا يمكن أي بلد في العالم أن يستقبل اللاجئين بصورة غير محدودة”، حتى لو أن عدد طلبات اللجوء الإجمالي انخفض خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام (160 ألفا) بنسبة 21,7 % على أساس سنوي.
وتوجّه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي قاد لسنوات في الاتحاد الأوروبي موقفا متشددا للغاية تجاه المهاجرين، إلى المستشار الألماني على منصة إكس بالقول: “نرحب بانضمامك إلى نادينا!”.
وفي هولندا أيضا كشفت الحكومة أخيرا خططا لفرض قيود صارمة على اللجوء. ويريد الائتلاف الحاكم في هولندا، الذي يضم “الحزب من أجل الحرية” اليميني المتطرف، إطلاق عملية لتغيير بعض القواعد الأوروبية في هذا الصدد.
وفي النمسا حذّر وزير الداخلية من أن فيينا “لن تقبل بالأشخاص الذين تتم إعادتهم من ألمانيا” بموجب الضوابط الجديدة.
من جهتها تعتزم اليونان التي تواجه حاليا زيادة كبيرة في عدد الوافدين من تركيا إرسال وزير الهجرة إلى برلين الإثنين، واعتبر رئيس وزرائها، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن “الرد لا يمكن أن يكون إلغاء اتفاقية شينغن من جانب واحد وإلقاء المسؤولية على البلدان التي لها حدود مع خارج أوروبا”.
وتحدثت وارسو عن إجراء “غير مقبول”. وقال وزير الداخلية البولندي توماش سيمونياك: “إن ذلك سيؤثر على ملايين البولنديين، وكذلك الألمان. إن الإنجاز العظيم للاتحاد الأوروبي، منطقة شينغن، معرض للخطر بسبب قرارات مماثلة”.
كذلك، يخشى العمال عبر الحدود من التعرض لعرقلة غير ضرورية أثناء تنقلهم.