في مدينة السبت أولاد النمة، بإقليم الفقيه بن صالح، يعاني الشباب من أزمة خانقة، حيث يتفاقم الركود الاقتصادي ويتزايد معدل البطالة في أوساط الشباب، خاصة حملة الشهادات العليا. وأصبحت هذه المدينة، التي كانت تعتمد لعقود على الزراعة والتجارة، اليوم، تعيش واقعا اقتصاديا متدهورا يدفع جيلا بأكمله إلى شفا اليأس.
أحلام معلّقة بين الواقع والبطالة
عبد الواحد، شاب في الـ28 من عمره، تحدث لهسبريس بمرارة عن تجربته بعد التخرج من الجامعة.
“تخرجت متفائلا بأن سنوات الدراسة الطويلة ستفتح لي أبواب فرص الشغل، لكنني اصطدمت بواقع البطالة القاسي”، هكذا عبر هذا الشاب عن إحباطه.
وعبد الواحد ليس حالة فردية؛ بل هو جزء من أزمة شاملة تطال المئات من الشباب في المدينة، حيث يجدون أنفسهم بين مطرقة البطالة وسندان الركود الاقتصادي، رغم حصولهم على شهادات عليا ودبلومات مهنية.
الجفاف يزيد الطين بلة
في سبت أولاد النمة، تعرضت الزراعة، الركيزة الأساسية لاقتصاد المنطقة، لضربات متتالية بفعل الجفاف المستمر، الذي لم يؤثر فقط على المحاصيل الزراعية؛ بل امتد ليشمل جميع قطاعات الحياة.
قال مصطفى، أحد الفلاحين القاطنين بجوار الجماعة الترابية، إن “الجفاف لم يدمر المحاصيل فقط؛ بل مسّ جميع الأنشطة الاقتصادية في المدينة”.
وأدى انهيار القطاع الزراعي إلى تباطؤ النشاط التجاري؛ مما زاد من تعميق الأزمة الاقتصادية، وأدى إلى تفاقم البطالة بين الشباب.
قوارب الموت.. هروب إلى المجهول
مع غياب الفرص، أصبح “الحريك” أو الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت الخيار الأخير لبعض الشباب الذين ضاقت بهم السبل.
عبد الواحد، شاب يبلغ من العمر 34 عاما، قال بحزن: “لا أرى أملا في هذه المدينة. الفقر والبطالة يحيطان بنا من كل جانب، وربما في الضفة الأخرى أجد فرصة جديدة، حتى وإن كانت محفوفة بالمخاطر”.
ويعكس هذا التوجه اليائس حجم المعاناة التي يعيشها الشباب، الباحث عن مخرج من دائرة الفقر والبطالة.
دعوات لإنقاذ الشباب
في ظل هذه الأزمة المتفاقمة، ترتفع الأصوات من المجتمع المدني والنشطاء المحليين مطالبين بتدخل سريع لإنقاذ شباب المدينة.
الناشط الحقوقي القاديري الشرقي أكد: “نحن بحاجة إلى خطط تنموية حقيقية تخلق فرص عمل للشباب على قدم المساواة وتعيد الأمل إليهم”.
ودعا القاديري إلى تشجيع الاستثمار المحلي وتطوير البنية التحتية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كحل للخروج من هذه الأزمة.
بين الركود الاقتصادي والبطالة، يقف شباب السبت أولاد النمة على حافة هاوية لا تُبشر إلا بمزيد من الإحباط واليأس. وتحتاج هذه المدينة، التي كانت تعتمد على الزراعة والتجارة كرافد اقتصادي، اليوم، إلى خطط إنقاذ عاجلة لإعادة الأمل للشباب وفتح آفاق جديدة لهم تليق بطموحاتهم وأحلامهم. وتظلُّ أنظار العاطلين متجهة نحو الدولة والمستثمرين، بعد فشل المجالس المتعاقبة على تسيير المدينة في تنزيل خطط تنموية جرئية، على أمل أن تخرج مبادرات حقيقية تنتشلهم من دوامة الفقر والبطالة، وتنقلهم من حالة الترقب إلى فرص عمل ملموسة تحقق لهم الكرامة والاستقرار.